ابتلي
بعض المسلمين اليوم بهذا الداء العظيم وهو الوسوسة ، ويعزى انتشار ذلك بسبب
البعد عن منهج الكتاب والسنة ، ونتيجة لذلك حصل التخبط والضياع ، وغالبا
ما يكون ذلك بسبب تسلط الجن والشياطين وتعرضهم للإنس لابعادهم عن خالقهم
سبحانه وتعالى ، وتكون الوسوسة على عدة أوجه :
* عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :
(
جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما
يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال : وقد وجدتموه قالوا : نعم 0 قال : ذاك صريح
الإيمان )
( حديث صحيح – أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الإيمان - برقم 209 )
* روي في الصحيحين ( البخاري ومسلم ) عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله
:

( يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغه ذلك فليستعذ بالله ولينته )
( متفق عليه )
* عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله
:

(
إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول : من خلقك ؟ فيقول : الله ، فيقول : فمن خلق
الله ؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل : آمنت بالله ورسوله ، فإن ذلك يذهب عنه )
( أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 1542 )
* عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله
:

( لا يزال الناس يتساءلون ، حتى يقال : هذا خلق الله الخلق ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل : آمنت بالله ورسوله )
( حديث صحيح – أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الإيمان – برقم 134 )
قال
النووي : ( أما معاني الأحاديث وفقهها فقوله صلى الله عليه وسلم : ذلك
صريح الإيمان ، ومحض الإيمان معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان ،
فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون
لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك 0 وقيل معناه
أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن
إغوائه ، وأما الكافر فإنه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل
يتلاعب به كيف أراد 0 فعلى هذا معنى الحديث : سبب الوسوسة محض الإيمان ، أو
الوسوسة علامة محض الإيمان 0 وهذا القول اختيار القاضي عياض 0
وأما قوله
: ( فمن وجد ذلك فليقل : آمنت بالله وفي الرواية الأخرى ( فليستعذ بالله
ولينته ) فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في
إذهابه 0 قال الإمام المازري - رحمه الله - : ظاهر الحديث أنه صلى الله
عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها ، والرد لها من غير
استدلال ولا نظر في إبطالها 0 قال : والذي يقال في هذا المعنى أن الخواطر
على قسمين : فأما التي ليست بمستقرة ولا أوجبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع
بالإعراض عنها ، وعلى هذا يحمل الحديث ، وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة ،
فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل لا أصل له ينظر
فيه 0 وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فأن لا تدفع إلا
بالاستدلال والنظر في إبطالها والله أعلم 0

وأما قوله
: ( فليستعذ بالله ، ولينته ) فمعناه : إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى
الله تعالى في دفع شره عنه ، وليعرض عن الفكر في ذلك ، وليعلم أن هذا
الخاطر من وسوسة الشيطان ، وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن
الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها والله أعلم ) (
صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 316 ، 317 ) 0

ولطرد وسوسة الشيطان في الأمور الإعتقادية ، فلا بد من اتباع الوسائل التالية اقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1-
أن يقدم اليقين على الشك : وهذا لا يكون إلا لمن صحت عقيدته وأخلص لله
توجهه ، وتمسك بحبل الله المتين والعروة الوثقى ، وابتعد عن المعاصي وحافظ
على كل ما يقرب إلى الله عز وجل 0
2)- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، ولينته عن التفكير في تلك الأمور 0
3)- أن يقول " آمنت بالله ورسله " 0
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.